SaadTuza
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

SaadTuza


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أسئلة الغربة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة





تاريخ التسجيل : 31/12/1969

أسئلة الغربة Empty
مُساهمةموضوع: أسئلة الغربة   أسئلة الغربة Icon_minitimeالأحد يوليو 22, 2007 8:29 pm

قبل أسبوعين أو أكثر، عندما كنا قاعدين في أطراف الصحراء، قال لي صديق أني كثيرا ما كنت أسر إليه شعوري بالغربة عندما كنت مراهقا غضا، وأنها شكوى لم تعد تتكرر كثيرا الآن. والحقيقة أن الغربة لم تغادر أضلعي مطلقا، لكنها لم تعد تداهمني وتخيفني كما كانت تفعل في الماضي. وقد يدهشه قولي هذا: لكني أشعر بالغربة أكثر ما أشعر بها مؤخرا حين تجتمع العائلة في مناسبة ما. أنظر إلى نفسي وأنظر إليهم، وأتساءل ما الذي يجمعنا على أي حال؟ صلات دم وتشابه أسماء؟ وماذا أيضا؟ هل هذا فقط كاف لكي أشعر بالدفء وسط أحضانهم؟ بالكاد. مؤخرا، يشغلني كثيرا الاختلاف الفكري الموجود بيننا.

لم أكن أفكر في هذا الأمر حتى جوبهت بهذا السؤال في مقابلة صحفية: «إن كنت تأتي من خلفية محافظة وعائلة عادية، كيف انتهيت مختلفا عنهم؟» بعد القيام بعشرات المقابلات تصبح الأسئلة مكرورة ومتوقعة، وأفضل المقابلات هي تلك التي تخرج عن دائرة التوقعات وتبحر في اتجاه آخر. تلك المقابلة التي جرت في جدة خلال شهر رمضان الفائت كانت أكثر مقابلة استمتعت بها على الإطلاق. ردي الأول على السؤال كان: «لا أعلم. لم أفكر في هذا الأمر من قبل». بعد تفكير قصير، أرجعت ذلك إلى سببين: أولا أن أبي وأمي منحاني مساحة من الحرية لم تكن متوفرة لأترابي وأقراني، وطبعا لم أكن لأستوعب ذلك في وقته، بل على العكس كنت مراهقا ثائرا لا يعجبه شيء وإن لم أنحُ ألى الجنوح على نحو متوحش. ثانيا كنت أقرأ. كنت أقرأ كثيرا. شغفي بالقراءة لم تكن لتوقفه ممانعة غير شديدة من والدي الذي لم يكن الأمر يضايقه كثيرا، لكنه كان يخشى أن تتأثر دراستي، وهذا ما حدث فعلا لاحقا. طبعا لا ألوم القراءة على تعثري الدراسي، بل ألوم نفسي لأني وافقت أن أدخل مجالا بعيدا عن شغفي وميولي، ولأنني غير قادر على تطويع نفسي لفعل ما يجب حين تعافه نفسي.

هذا كلام من باب «لو استقبلت من أمري ما استدبرت...»، وهو مما لا ترجى منه فائدة. لذلك، دعني أعد إلى ما بدأت به. أريد أن أقول: أنا ضعيف القلب، وأخاف الغربة رغما عن كل شيء. هي ربما لا تقسو عليّ كثيرا هذه الأيام بحكم التعود والمسافة، لكن ماذا سيحصل عندما أعود إلى مسقط رأسي يوما ما؟ كيف ستتقبل عائلتي ابنها الذي صار يصادق «الغرباء» ولا تعجبه طريقة زواجهم؟ هل سيتسامحون من طريقة حياته ويدعوه لشأنه مثلما يتعايش هو مع حماقاتهم التي لا تنتهي؟ ربما كانت كلماتي جارحة، لكنني لا أقصد الإساءة. أنا خائف فحسب.

أختتم بمقطع من حوار مع محمد الحضيف، والذي يقال أن العدد الأخير من مجلة «الإسلام اليوم» قد مُنِع بسببه: «الاغتراب حالة ذهنية. قد يشعر الإنسان بالغربة وهو في وطنه، بين أهله وأفراد مجتمعه. إذا نظرنا إلى «الاغتراب» على أنه «توحش» الإنسان، مما يجري حوله، مما لا يتسق مع موازينه، ولا يجري على نسق العالم الذي يصنعه في مخيلته.. ليعيش فيه، فإن هذا من نوع الاغتراب الذي يصنع المعاناة. الظلم بكافة أشكاله ، شيء موحش ، يقود إلى اغتراب ، وينتج معاناة.»
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أسئلة الغربة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
SaadTuza :: منتديات لقاءات ألاعضاء :: منتدى المغتربين-
انتقل الى: